وقال ابن عثيمين:"الإيمان بالقدر: هو أن تؤمن بتقدير الله عز وجل للأشياء كلها سواء ما يتعلق بفعله أو ما يتعلق بفعل غيره، وأن الله عز وجل قدرها وكتبها عنده قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومعلوم أنه لا كتابة إلا بعد علم، فالعلم سابق على الكتابة، ثم إنه ليس كل معلوم الله سبحانه وتعالى مكتوب، لأن الذي كتب إلى يوم القيامة، وهناك أشياء بعد يوم القيامة كثيرة أكثر مما في الدنيا هي معلومة عند الله، عز وجل، ولكنه لم يرد في الكتاب والسنة أنها مكتوبة"(١).
* الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}[يس: ١٢]. وقوله جل ذكره:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[الحديد: ٢٢]. وقوله تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[يونس: ١٠٧]. وقوله تعالى:{وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا}[الطلاق: ١٢]، وقوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير: ٢٩] وقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[التوبة: ٥١]. وقوله جل وعلا:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}[الأحزاب: ٣٨]. وقوله تبارك وتعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[الفرقان: ٢]. وقوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[الصافات: ٩٦]. وقوله تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: ٤٩]. وقد جاء في سبب نزولها ما رواه مسلم عن أبي هريرة عنه قال: "جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القدر فنزلت
(١) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ١٠/ ١٠٠. وانظر: القول المفيد ٣/ ١٧٦.