وقال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -: "وبين كرامات الأولياء وما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة: منها أن كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى، والأحوال الشيطانية سببها ما نهى الله عنه ورسوله، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣]. فالقول على الله بغير علم والشرك والظلم والفواحش قد حرمها الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا تكون سببًا لكرامة الله تعالى بالكرامات عليها، فإذا كانت لا تحصل بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، بل تحصل بما يحبه الشيطان، وبالأمور التي فيها، استغاثة بالمخلوقات، أو كانت مما يستعان بها على ظلم الخلق وفعل الفواحش، فهي من الأحوال الشيطانية، لا من الكرامات الرحمانية"(١).
وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية على الأشاعرة ومن قال بقولهم في التفريق بين المعجزات وخوارق السحرة وبيَّن التحقيق في ذلك فقال: "وعندهم لا فرق بين جنس وجنس في اختصاصه بالأنبياء به، فليس في أجناس المعقولات ما يكون آية تختص بالأنبياء، فيستلزم نبوتهم بل ما كان لهم قد يكون عند غيرهم حتى للسحرة والكهان، وهم أعداؤهم، وفرقوا بعدم المعارضة، وهذا فرق غير معلوم وهو مجرد دعوى.
قالوا: لو ادعى الساحر والكاهن النبوة، لكان الله ينسيه الكهانة والسحر، ولكان له من يعارضه لأن السحر والكهانة هي معجزة عندهم، وفي هذه الأقوال من الفساد عقلًا وشرعًا ومن المناقضة لدين الإسلام وللحق ما يطول وصفه، ولا ريب أن قول من أنكر وجود هذه الخوارق أقل فسادًا من هذا، ولهذا يشنع عليهم
(١) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ٧١ انظر: شرح مسائل الجاهلية ١/ ٣٠٢.