للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدخ الدّخ وقد كان خبّأ له سورة الدخان، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اخسأ فلن تعدو قدرك" (١) يعني إنما أنت من إخوان الكهان، والكهان كان يكون لأحدهم القرين من الشيطان يخبره بكثير من المغيبات بما يسرقه من السمع، وكانوا يخلطون الصدق بالكذب كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الملائكة تنزل في العنان - وهو السحاب - فتذكر الأمر قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم.

والأسود العنسي الذي ادّعى النبوة كان له من الشياطين من يخبره ببعض الأمور المغيبة، فلما قاتله المسلمون كانوا يخافون من الشياطين أن يخبروه بما يقولون فيه، حتى أعانتهم عليه امرأته لما تبيّن لها كفره فقتلوه.

وكذلك مسيلمة الكذّاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيّبات ويعينه على بعض الأمور.

وأمثال هؤلاء كثيرون، مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة، وكانت الشياطين تخرج رجليه من القيد، وتمنع السلاح أن ينفذ فيه، وتسبح الرّخامة إذا مسحها بيده، وكان يرى الناس رجالا وركبانا على خيل في الهواء ويقول: هي الملائكة، وإنما كانوا جنّا، ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه، فقال له عبد الملك: إنك لم تسمّ الله فطعنه فقتله" (٢).

وقال رَحِمَهُ اللهُ: "ومن هؤلاء من إذا حضر سماع المكاء والتصدية يتنزل عليه شيطانه حتى يحمله في الهواء ويخرجه من تلك الدار، فإذا حضر رجل من أولياء الله تعالى، طرد شيطانه فيسقط، كما جرى هذا لغير واحد.


(١) أخرجه مسلم رقم (٢٩٢٤).
(٢) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ١٦٦، ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>