للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠)} [النازعات: ٢٠]، فلله تعالى آية كبيرة وصغيرة، وقال عن نبيه محمد: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} [النجم: ١٨] فالآيات الكبرى مختصة بهم، وأما الآيات الصغرى فقد تكون للصالحين مثل تكثير الطعام، فهذا قد وجد لغير واحد من الصالحين، لكن لم يوجد كما وجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أطعم الجيش من شيء يسير، فقد يوجد لغيرهم من جنس ما وجد لهم، لكن لا يماثلون في قدره، فهم مختصون إما بجنس الآيات فلا يكون لمثلهم كالإتيان بالقران وانشقاق القمر، وقلب العصا حية، وانفلاق البحر، وأن يخلق من الطين كهيئة الطير، وأما بقدرها وكيفيتها كنار الخليل، فإن أبا مسلم الخولاني وغيره وصارت النار عليهم بردًا وسلامًا، لكن لم تكن مثل نار إبراهيم في عظمتها كما وصفوها، فهو مشارك للخليل في جنس الآية، كما هو مشارك في جنس الإيمان محبة الله وتوحيده، ومعلوم أن الذي امتاز به الخليل من هذا لا يماثله فيه أبو مسلم وأمثاله" (١).

والأحوال الشيطانية تكون على يدي السحرة والكهان وأمثالهم من الفجرة (٢) فهم أولياء الشيطان وجنوده وأنصاره وينخدع بالأحوال الشيطانية كثير ممن يستغيث بغير الله فيستنجد بالمقبور ويستغيث بالقبور كما ينخدع بها من يصدق الكهان والسحرة والمشعوذين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "وهذا بخلاف الأحوال الشيطانية، مثل حال عبد الله بن صياد الذي ظهر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان قد ظن بعض الصحابة أنه الدّجال، وتوقف النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمره حتى تبين له فيما بعد أنه ليس هو الدجّال، لكنه كان من جنس الكهان. قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد خبأت لك خبءًا، قال


(١) النبوات ٢/ ٧٩٧.
(٢) النبوات ص ٤، وانظر للاستزادة تيسير العزيز الحميد ص ٣٩٧ - ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>