للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاستكبار وما يتبع ذلك، لا لأجل تكذيب، وكذلك فرعون قومه جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًّا ... " (١).

وقال ابن القيّم رَحِمَه الله: "وأما كفر الإباء والاستكبار: فنحو كفر إبليس، فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار، إنما تلقاه بالإباء والاستكبار، ومن هذا كفر من عرف صدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقد له إباءًا واستكبارًا، وهو الغالب على كفر أعداء الرسل ... " (٢).

وقال شيخ الإسلام: "ولو أنهم هدوا لما هدي إليه السلف الصالح لعلموا أن الإيمان قول وعمل أعني في الأصل قولا في القلب وعملا في القلب فإن الإيمان بحسب كلام الله ورسالته، وكلام الله ورسالته يتضمن أخباره وأوامره فيصدق القلب أخباره تصديقا يوجب حالا في القلب بحسب المصدق به والتصديق هو من نوع العلم والقول وينقاد لأمره ويستسلم وهذا الانقياد والاستسلام هو نوع من الإرادة والعمل ولا يكون مؤمنًا إلا بمجموع الأمرين فمتى ترك الانقياد كان مستكبرًا فصار من الكافرين وإن كان مصدقًا، فالكفر أعم من التكذيب يكون تكذيبًا وجهلًا ويكون استكبارًا وظلمًا، ولهذا لم يوصف إبليس إلا بالكفر والاستكبار دون التكذيب، ولهذا كان كفر من يعلم مثل اليهود ونحوهم من جنس كفر إبليس وكان كفر من يجهل مثل النصارى ونحوهم ضلالًا وهو الجهل ألا ترى أن نفرًا من اليهود جاؤوا إلى النبي وسألوه عن أشياء فأخبرهم فقالوا نشهد أنك نبي ولم يتبعوه، وكذلك هرقل وغيره فلم ينفعهم هذا العلم ... " (٣).


(١) الإيمان الأوسط ص ٧٦، وانظر: الفتاوى ٢٠/ ٩٧، والعبودية ص ١١٠.
(٢) مدارج السالكين ١/ ٣٦٦.
(٣) الصارم المسلول ٣/ ٩٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>