قال: بارك الله لك فيها. فأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك. قال: أن يرد الله إليّ بصري فأبصر به الناس، فمسحه فردّ الله بصره، قال: فأي المال أحب إليك قال الغنم فأعطي شاة والدا، فأنتج هذان وولّد هذا فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم، قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللّون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرًا أتبلّغ به في سفري فقال: الحقوق كثيرة، فقال: كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله عزَّ وجلَّ المال، فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبًا فصيّرك الله إلى ما كنت. وأتى الأقرع في صورته فقال: له مثل ما قال لهذا وردّ عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبًا فصيّرك الله إلى ما كنت، قال: وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي ردّ عليك بصرك شاة أتبلّغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى فردّ الله إليّ بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت. فوالله لا أجهدك بشيء أخذته لله. فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك" (١).
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: "وهذا حديث عظيم، وفيه معتبر، فإن الأولين جحدا نعمة الله، فما أقرا لله بنعمته، ولا نسبا النعمة إلى المنعم بها، ولا أديا حق الله، فحل عليهما السخط. وأما الأعمى فاعترف بنعمة الله، ونسبها إلى من أنعم عليه بها، وأدى حق الله فيها، فاستحق الرضى من الله بقيامه بشكر النعمة لما أتى بأركان الشكر الثلاثة التي لا يقوم الشكر إلا بها، وهي: الإقرار بالنعمة ونسبتها إلى