للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المنعم، وبذلها فيما يحب.

قال العلامة ابن القيم رَحِمَه الله: "أصل الشكر هو الاعتراف بإنعام المنعم على وجه الخضوع له، والذل، والمحبة، فمن لم يعرف النعمة، بل كان جاهلًا بها، لم يشكرها، ومن عرفها ولم يعرف المنعم بها، لم يشكرها أيضًا، ومن عرف النعمة والمنعم، لكن جحدها كما يجحدها المنكر لنعمة المنعم عليه بها، فقد كفرها، ومن عرف النعمة والمنعم بها وأقر بها ولم يجحدها، ولكن لم يخضع له ولم يحبه ولم يرض به وعنه، لم يشكره أيضًا، ومن عرفها وعرف المنعم بها وأقر بها وخضع للمنعم بها وأحبه ورضي به وعنه، واستعملها في محابه وطاعته، فهذا هو الشاكر لها. فلا بد في الشكر من علم القلب، وعمل يتبع العلم، وهو الميل إلى المنعم ومحبته والخضوع له" (١).

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب بباب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} [النحل.٨٣]. فقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "المراد بهذه الترجمة التأدب مع جناب الربوبية عن الألفاظ الشركية الخفية، كنسبة النعم إلى غير الله؛ فإن ذلك باب من أبواب الشرك الخفي، وضده باب من أبواب الشكر كما في الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن جابر مرفوعًا: "من أولي معروفًا فلم يجد له جزاء إلا الثناء فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره" ... ونقل في معنى قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} قول ابن جرير "هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها وسرابيل الثياب، والحديد يعرفه كفار قريش ثم ينكرونه بأن يقولوا: هذا كان لآبائنا ورثناه عنهم" (٢).


(١) تيسير العزيز الحميد ٦٢٧، ٦٢٨، طبع المكتب الإسلامي.
(٢) تيسير العزيز الحميد ص ٥٨٩، تفسير ابن جرير الطبري ١٤/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>