للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن القيم ما معناه: "لما أضافوا النعمة إلى غير الله فقد أنكروا نعمة الله بنسبتها إلى غيره، فإن الذي يقول هذا جاحد لنعمة الله عليه غير معترف بها، وهو كالأبرص والأقرع اللذين ذكرهما الملك بنعم الله عليهما فأنكراها وقالا: إنما ورثنا هذا كابرًا عن كابر، وكونهما موروثة عن الآباء أبلغ في إنعام الله عليهم إذ أنعم بها على آبائهم ثم ورثهم إياها فتمتعوا هم وآباؤهم بنعمه" (١).

ففي قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} قال عون بن عبد الله: "يقولون: لولا فلان لم يكن كذا"، وعلَّق على قوله هذا الشيخ ابن عثيمين فقال: "وهذا القول من قائله فيه تفصيل:

إن أراد به الخبر وكان الخبر صدقًا مطابقًا للواقع، فهذا لا بأس به.

وإن أراد بها السبب، فلذلك ثلاث حالات:

الأولى: أن يكون سببًا خفيًا لا تأثير له إطلاقًا، كأن يقول: لولا الولي الفلاني ما حصل كذا وكذا؛ فهذا شرك أكبر لأنه يعتقد بهذا القول أن لهذا الولي تصرفًا في الكون مع أنه ميت، فهو تصرف سري خفي.

الثانية: أن يضيفه إلى سبب صحيح ثابت شرعًا أو حسًا؛ فهذا جائز بشرط أن لا يعتقد أن السبب مؤثر بنفسه، وأن لا يتناسى المنعم بذلك.

الثالثة: أن يضيفه إلى سبب ظاهر، لكن لم يثبت كونه سببًا لا شرعًا ولا حسًا؛ فهذا نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: التَولة، والقلائد التي يقال: أنها تمنع العين، وما أشبه ذلك؛ لأنه أثبت سببًا لم يجعله الله سببًا، فكان مشاركًا لله في إثبات الأسباب" (٢).

وقال في موضع آخر: "أما الاعتماد على السبب الشرعي أو الحسي المعلوم، فقد تقدم أنه لا بأس به وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" لكن


(١) تيسير العزيز الحميد ص ٥٨٩، ٥٩٠.
(٢) القول المفيد على كتاب التوحيد من مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٧٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>