للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قد يقع في قلب الإنسان إذا قال: لولا كذا لحصل كذا أو ما كان كذا، قد يقع في قلبه شيء من الشرك بالاعتماد على السبب بدون نظر إلى المسبب وهو الله عزَّ وجلَّ (١).

ومنعه في "التيسير" حيث نهى عن إضافة النعم لغير الله ولو كان المنعم سببًا حقيقيًا واستدل بالحديث المخرج في الصحيحين عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَلاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ الليْلَةِ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَال رَبُّكُمْ؟ " قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وكافر، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ الله وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ" (٢). قال الشيخ سليمان بن عبد الله " ... فيكون نسبة ذلك إلى طيب الريح وحذق الملاح من جنس نسبة المطر إلى الأنواء وإن كان المتكلم بذلك لم يقصد أن الريح والملاح هو الفاعل لذلك دون خلق الله وأمره، وإنما أراد أنه سبب لكن لا ينبغي أن يضيف ذلك إلا إلى الله وحده؛ لأن غاية الأمر في ذلك أن يكون الريح والملاح سببا أو جزء وسبب ولو شاء الرب تبارك وتعالى لسلبه سببيته فلم يكن سببا أصلًا فلا يليق بالمنعم المطلوب منه الشكر أن ينسى من بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير ويضيف النعم إلى غيره بل يذكرها مضافة منسوبة إلى مولاها والمنعم بها وهو المنعم على الإطلاق كما قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله}، فهو المنعم بجميع النعم في الدنيا والآخرة وحده لا شريك له فإن ذلك من شكرها وضده من إنكارها" (٣).


(١) مجموع الفتاوى لابن عثيمين ١٠/ ٧٩٥. وانظر: القول المفيد لابن عثيمين ط ١ - ٢/ ٣٢٢.
(٢) أخرجه البخاري (٨٤٦) (١٠٣٨) (٤١٤٧) (٧٥٠٣)، ومسلم (٧١).
(٣) تيسير العزيز الحميد ص ٥٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>