للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقول لم تقبل له صلاة أربعين يومًا" (١).

فلو كان كفره مخرجًا من الملة لما قُبلت منه الصلاة الدهر كله حتى يرجع إلى الإسلام ولكنه حصرها بأربعين يومًا، كما أن الأمر فيه شبهة بالنظر للغيب النسبي، حيث يُفرّق بين الغيب المطلق والغيب النسبي المعتمد على إخبار الشياطين في الماضي والحاضر لا المستقبل.

* وأنت ترى من خلال هذه النقول أن الأقوال ثلاثة:

فقيل: كفر أكبر، وقيل كفر أصغر، والثالث التوقف.

وينبغي أن يعلم أن من ظن أن أحدا يعلم الغيب المطلق غير الله فقد كفر سواء اعتقد ذلك في كاهن أو ساحر أو عالم، أو حتى نبي أو مَلَك فإنهما لا يعلمان من الغيب إلا ما أطلعهما الله عليه كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن ٢٦ - ٢٧]. وقد علمنا أن ادعاء الغيب كفر (٢).

قال المناوي: "إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر، وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر" (٣).

ونقل الشيخ سليمان صاحب "التيسير" أن بعضهم قال: "لا تعارض بين هذا الخبر، وبين حديث: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" إذ الغرض في هذا الحديث أنه سأله معتقدًا صدقه وأنه يعلم الغيب فإنه يكفر، فإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة، أو أنه بإلهام فصدقه من هذه


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢٣٦١٠).
(٢) انظر: فتاوى اللجنة ٢/ ١١٩. وانظر باب (الغيب).
(٣) الفيض ٦/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>