للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ قَالَ: "فَلا تَأْتُوا الْكُهَّانَ" قَالَ: قُلْتُ: كُنَّا نَتَطَيَّرُ. قَالَ: "ذاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلا يَصُدَّنَّكُمْ". وفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ: "كَانَ نَبيٌّ مِنْ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ" (١).

وقد أزال النووي رحمه الله هذا الإشكال عند شرحه لهذا الحديث فقال: "قوله: ومنا رجال يخطون. قال: "كان نبي من الأنبياء عليهم السلام يخط، فمن وافق خطه فذاك" اختلف العلماء في معناه، فالصحيح أن معناه من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة، فلا يباح، والمقصود أنه حرام لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها؛ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فمن وافق خطه فذاك" ولم يقل هو حرام، بغير تعليق على الموافقة، لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي - صلى الله عليه وسلم - على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا. فالمعنى أن ذلك النبي لا منع في حقه وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها. وقال الخطابي: هذا الحديث يحتمل النهي عن هذا الخط، إذا كان علمًا لنبوة ذاك النبي، وقد انقطعت؟ فنهينا عن تعاطي ذلك" (٢).

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله: "ويحتمل أن المعنى أن سبب إصابة صاحب الخط هو موافقته لخط ذلك النبي، فمن وافق خطه أصاب وإذا كان كذلك وكانت الإصابة نادرة بالنسبة إلى الخط، ولا طريق إلى اليقين بالموافقة صار ذلك بالنسبة إلى من يتعاطاه من أنواع الكهانة لمشاركته لها في المعنى" (٣).


(١) أخرجه مسلم (٥٣٧).
(٢) شرح النووي ٥/ ٢٣.
(٣) انظر تيسير العزيز الحميد ص ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>