للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن القيم: "فقد تضمنت أحاديث الكي أربعة أنواع:

أحدها: فعله. والثاني: عدم محبته له. والثالث: الثناء على من تركه. والرابع: النهي عنه. ولا تعارض بينهما بحمد الله، فإن فعله له يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه. وأما الثناء على تاركيه، فيدل على أن تركه أولى وأفضل، وأما النهي عنه، فعلى سبيل الاختيار والكراهة أو عن النوع الذي لا يحتاج إليه بل يفعله خوفًا من حدوث الداء - والله أعلم - " (١).

قال أبو سليمان الخطابي: "الكي داخل في جملة العلاج والتداوي المأذون فيه، والنهي عن الكي يحتمل أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره، ويرون أنه يحسم الداء ويبرئه وإذا لم يفعل هلك صاحبه ويقولون آخر الدواء الكي، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، إذا كان على هذا الوجه، وأباح استعماله على معنى طلب الشفاء والترجي للبرء بما يحدث الله من صنعه فيه، فيكون الكي والدواء سببًا لا علة.

وفيه وجه آخر: وهو أن يكون نهيه عن الكي، هو أن يفعله احترازًا عن الداء قبل وقوع الضرورة، ونزول البلية، وذلك مكروه وإنما أبيح العلاج، والتداوي عند وقوع الحاجة، ودعاء الضرورة إليه، وقد يحتمل أن يكون إنما نهى عمران عن الكي في علة بعينها لعلمه أنه لا ينجع، ألا تراه يقول: فما أفلحنا، وقد كان به الباسور، ولعله إنما نهاه عن استعمال الكي في موضعه من البدن، والعلاج إذا كان فيه الخطر العظيم كان محظورا، والكي في بعض الأعضاء يعظم خطره، وليس كذلك في بعضها، فيشبه أن يكون النهي منصرفا إلى النوع المَخُوف - والله أعلم - وروي عن ابن عمر أنه اكتوى من اللقوة، ورقى من العقرب وكوى ابنه واقدًا" (٢).

وقال ابن قتيبة: "الكي جنسان: كي الصحيح لئلا يعتل، كما يفعله كثير من أمم


(١) زاد المعاد ٤/ ٦٦.
(٢) شرح السنة للبغوي ١٢/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>