للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأصحابنا فيها أقوال:

أحدها: أنه لا يجوز بحال، وهو قول أبي بكر عبد العزيز. والثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق. والثالث: يجوز مطلقًا" (١).

وبعض العلماء جوّز ذلك على وجه الانتصار أو الزجر والإرهاب.

قال ابن مفلح: "وقال "يعني القاضي" في مكان آخر: وقد نُقِلَ عن أحمد لعنهُ أقوام معينين من دُعاِة أهل البدع، ولهذا فَرَّقَ مَنْ فرّق من الأصحاب بين لعنةِ الفاسقِ بالفعل وبين دعاةِ أَهلِ الضلال، إما بناء على تكفيرهم، وإما بناء على أن ضررهم أشد، ومَنْ جَوَّزَ لعنة المبتدع المكفر معينًا فإنه يُجوَّز لعنة الكافر المعين بطريق الأوْلى، ومَنْ لم يُجَوَّزْ أن يلعن إلا مَن ثبتَ لعنه بالنصَّ فإنه لا يجوز لعنة الكافر المعين، فَمَنْ لم يُجَوَّزْ إلا لعنَ المنصوص يرى أن لا يجوز ذلك لا على وجه الانتصارِ، ولا على وجهِ الجهادِ وإقامةِ الحدود، كالهجرة والتعزيز والتحذير ... وكذلك من لم يلعن المعين من أهل السنة أو من أهل القبلة أو مطلقًا. وأما مَنْ جَوَّزَ لعنةَ الفاسِق المُعَيَّنِ على وجه البغض في الله عزَّ وجلَّ والبراءة منه والتعزير فقد يجوز ذلك على وجه الانتصار أيضًا، ومَنْ يُرَجَّح المنعَ مِنْ لعنِ المعين، فقد يجيبُ عما فعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأحدِ أجوبة ثلاثة:

إما بأن ذلك منسوخ كلعن من لعن في القنوت على ما قاله أبو هريرة.

وإما أن ذلك مما دخلَ في قوله: "اللهم إنما أنا بشرٌ أغضبُ كما يغضب البشر، فأيما مسلم سَبَبْتُه أو لعنته - وليس كذلك - فاجعلْ ذلك له صلاةً وزكاةً ورحمةً تقربه بها إليكَ يومَ القيامة" (٢). لكن قد يقال: هذا الحديث لا يدلُّ على تحريم اللعنة، وإنما يدل على أنه يفعلها باجتهادهِ بالتعزيز، فجعلَ هذا الدعاء دافعًا عَمَّنْ ليس لها بأهل.


(١) الآداب الشرعية ١/ ٢٨٥.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>