للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "فإذا قيل: التوحيد زين، والدين حق، إلا التكفير، والقتال، قيل: اعملوا بالتوحيد، ودين الرسول، ويرتفع حكم التكفير، والقتال، فإن كان حق التوحيد الإقرار به، والإعراض عن أحكامه، فضلا عن بغضه، ومعاداته، فهذا والله عين الكفر وصريحه؛ فمن أشكل عليه من ذلك شيء فليطالع سيرة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه" (١).

ومن الآيات التي يناسِب ذكرها هنا: قول الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: ٦١]، قال الإمام ابن القيم في معنى هذه الآية: "فجعل الإعراض عما جاء به الرسول والالتفات إلى غيره هو حقيقة النفاق، كما أن حقيقة الإيمان هو تحكيمه وارتفاع الحرج عن الصدور بحكمه والتسليم لما حكم به رضى واختيارا ومحبة فهذا حقيقة الإيمان وذلك الإعراض حقيقة النفاق ... " (٢).

وقال تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: ٤٧ - ٥١].

قال ابنُ حَزْمٍ عن هذه الآيات: "هذه الآيات محكمات لم تدع لأحد علقة يشغب بها، قد بين الله فيها صفة فعل أهل زماننا فإنهم يقولون: نحن المؤمنون بالله وبالرسول ونحن طائعون لهما، ثم يتولى طائفة منهم بعد هذا الإقرار


(١) الدرر السنية ٢/ ٥٦.
(٢) مختصر الصواعق المرسلة ٢/ ٣٥٣، وانظر تيسير العزيز الحميد ص ٥٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>