المسكية من الجدران المخلقة، وجد هذا الزائر في فؤاده من الخشية والرهب ما لا يجد أدنى معشار جزء من عشره بين يدي خالق السموات والأرضين وإله جميع العالمين، فيدخل إلى القبر خاشعًا، ذليلًا متواضعًا، لا يخطر في قلبه مثقال ذرة من غير إجلاله، منتظرا فيض كرمه ونواله، فأقسم بالله أنه لم يتصوره بشرًا قد وضع بأكفانه في لحده، ولو سلمنا أنه خطرت له وهو عنده تلك الخطرة لتعوذ بالله منها، ووقف عند حده، ويا مصيبة من أنكر عليهم حالهم، ويا شناعة من رد عليهم أمرهم، ويا خسارة من علمهم وأرشدهم، فإن ذلك عندهم قد تنقص حق الأولياء، وهضمهم مرتبتهم من السمو والارتقاء، فبالله عليك أيها الناظر! إلا ما قابلت هذه مع ما ورد عن سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم - متأملا كيفية إذنه بعد المنع.
وانظر إلى سبب المنع والإذن، وما علل النبي - صلى الله عليه وسلم - الإذن وجعله في حكم الغاية له والشرط ... " (١).
وقال الشمس السلفي: "وقال العلامة الخجندي (١٣٧٩ هـ) وشيخ القرآن الفنجفيري (١٤٠٧ هـ) والرباطي الملقب بجامع المعقول والمنقول بعد ما ساقوا عدة أحاديث في تحريم بناء القبب والمساجد على القبور؛ مبينين مفاسد هذا العمل الملعون أهلها: "وكم سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام: ومع هذا المنكر الشنيع، والكفر الفظيع، لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف: لا عالمًا، ولا متعلمًا، ولا أميرًا، ولا وزيرًا، ولا ملكًا، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه: أن كثيرًا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا، وإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ، وأبى واعترف بالحق؛