المحققون والأكثرون وهو الصحيح المختار أن معناه: إن هذه خصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه وهذا المعنى موجود في صاحب هذه الخصال ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس لا أنه منافق في الإسلام فيظهره وهو يبطن الكفر ولم يُرد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه منافق نفاق الكفار المخلدين في الدرك الأسفل من النار.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كان منافقًا خالصًا" معناه: شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال. قال بعض العلماء: وهذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه، فأما من يندر ذلك منه فليس داخلًا فيه، فهذا هو المختار في معنى الحديث، وقد نقل الإمام أبو عيسى الترمذي - رضي الله عنه - معناه عن العلماء مطلقًا فقال:"إنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل ... وحكى الخطابي رحمه الله قولًا آخر: أن معناه التحذير للمسلم أن يعتاد هذه الخصال التي يخاف عليه أن تفضي به إلى حقيقة النفاق"(١).
وقال ابن حجر بعدما نقل كلام النووي:"ومحصل هذا الجواب: الحمل في التسمية على المجاز أي صاحب هذه الخصال كالمنافق وهو بناء على المراد بالنفاق نفاق الكفر. وقد قيل في الجواب عنه أن المراد بالنفاق نفاق العمل كما قدمناه، وهذا ارتضاه القرطبي واستدل له بقول عمر لحذيفة: هل تعلم فيَّ شيئًا من النفاق فإنه لم يرد بذلك نفاق الكفر، وإنما أراد نفاق العمل ويؤيده وصفه بالخالص في الحديث الثاني بقوله: "كان منافقًا خالصًا".
وقيل المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال، وهذا ارتضاه الخطابي، وذكر أيضًا أنه يُحتمل أن المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك