للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالداعية إلى البدعة يزجر ويهجر، بخلاف غيره فإنه ينظر في حقه إلى الأمور السالفة الذكر (١).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن مقاطعة مرتكب الجريمة: ما موقف الداعية منها ولا سيما إن كان من الأقارب؟

الجواب: "هذا فيه تفصيل: يشرع هجره ومقاطعته إذا أعلن المنكر وأصر ولم ينفع فيه النصح شرع لقريبه أو جاره هجره، وعدم إجابة دعوته، وعدم السلام عليه، حتى يتوب لله هذا المنكر.

هكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة لما تخلف كعب بن مالك وصاحباه عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يُكَلَّمُوا ويُهجروا، فهُجروا جميعًا حتى تابوا وتاب الله عليهم.

أما إن كان هجر الشخص قد يترتب عليه ما هو أنكر من فعله، لأنه ذو شأن في الدولة أو ذو شأن في قبيلته، فيترك هجره ويعامل بالتي هي أحسن ويرفق به حتى لا يترتب على هجره ما هو شر من منكره وما هو أقبح من عمله، والدليل على ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم -. لم يعامل رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بمثل ما عامل به الثلاثة وهم كعب وصاحباه، بل تلطف به ولم يهجره، لأنه رئيس قومه، ويخشى من سجنه وهجره فتنة للجماعة في المدينة، فلهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفق به حتى مات على نفاقه، نسأل الله العافية.

وهنا مواضع أخرى جرت للرسول - صلى الله عليه وسلم - على بعض الناس، لم يهجرهم بل رفق بهم حتى هداهم الله. فالرفق في الدعوة من ألزم أمورها، وبالله التوفيق" (٢).

وفى آخر هذا الباب يحسن بنا أن أن نقف مع كلامٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله


(١) الآثار الواردة ص ٧٤٨.
(٢) مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ص ٦١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>