للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (٩٩) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)} [النساء: ٩٧ - ١٠٠].

قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ: حدثنا حيوة وغيره قالا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو الأسود قال: "قُطِع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه، فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثّرون سواد المشركين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يُضرب فيُقتَل، فأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ... } الآيةَ" (١).

قال ابن كثير رحمه الله: "قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأُصيبوا فيمن أُصيب فنزلت هذه الآية الكريمة (٢) عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكنًا من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه، مرتكب حرامًا بالإجماع وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أي بترك الهجرة {قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ} أي لم مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة؟ {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} أي لا نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض، {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً} الآية" (٣).

وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ ... } [النساء:٩٧] قال ابن


(١) أخرجه البخاري (٤٥٩٦) (٧٠٨٥).
(٢) انظر تفسير الطبري ٩/ ١٠٨.
(٣) تفسير ابن كثير عند تفسير الآيات ٩٥ - ٩٦ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>