للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعثه المهاجرين من مكة إلى بلاد الحبشة ليس ذلك موالاة للنصارى، وإنما فعل ذلك لمصلحة المسلمين وتخفيف الشر عنهم. فيجب على المسلم أن يفرق ما فرق اللهُ بينه، وأن ينزل الأدلة منازلها، والله سبحانه هو الموفق والهادي لا إله غيره ولا رب سواه" (١).

* ثامنًا: المداراة في حال ضعف المسلمين لا تتنافى مع الولاء والبراء.

والمداراة المقصودة هي: درءُ المفسدة والشر بالقول اللين وترك الغلظة، أو الإعراض عن صاحب الشر إذا خيف شره أو حصل منه أكبر مما هو ملابس له ومن ذلك مداراة النبي - صلى الله عليه وسلم - للمنافقين خشية شرهم وتأليفا لهم ولغيرهم.

وفي قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}.

جاء عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} قال: نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين فيظهرون اللطف ويخالفونهم في الدين، وذلك قوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} (٢).

وقال مجاهد - رَحِمَه اللَّهُ -: قوله: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً}: "إلا مصانعةً في الدنيا ومخالَقَةً" (٣).

قال ابن كثير: "إلا من خاف في بعض البلدان أو الأوقات من شرهم، فله أن يتقيهم بظاهره، لا بباطنه ونيته، كما قال البخاري عن أبي الدرداء: أنه قال: إنا


(١) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ٧ - ٣٦٤.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٢٨، وابن جرير في تفسيره ٣/ ٢٢٨.
(٣) تفسير ابن أبي حاتم ٢/ ٦٣٠، وابن جرير في تفسيره ٣/ ٣٣٨ - ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>