للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنكشر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم" (١).

* تاسعًا: الوصيّة بأهل الذمّة، وصيانة أعراضهم وأموالهم، وحفظ كرامتهم.

قال - صلى الله عليه وسلم - "إنكم ستفحتون أرضًا يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإنّ لهم ذِمّةً ورحمًا" (٢).

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أُوصي الخليفة من بعدي بذمّة الله وذمّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -: أن يُوَفَّى لهم بعهدهم، وأن يُقاتَل مِنْ ورائهم، وأن لا يكلَّفُوا فوق طاقتهم" (٣).

* والبرّ والإحسان والعَدْلَ وحسن المعاملة مطلوب لهم سواء كان ذميا أو معاهدًا أو مستأمنًا.

قال القرافي - رَحِمَه اللَّهُ -: "اعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة، بقوله {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: ١]. فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: ٨]. فلا بد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما .. وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا، وذمة الله تعالى وذمة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ودين الإسلام، وقد حكى ابن حزم الإجماع - في مراتبه - على أن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح .. فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على


(١) تفسير ابن كثير.
(٢) مسلم (٦٤١٤).
(٣) البخاري (١٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>