فإن شئتم فلكم، وإن أبيتم فلي، فقالوا: بهذا قامت السَّمَوَاتِ والأرض" (١).
وقال الشيخ صالح الفوزان: "فمن كف أذاه من الكفار فلم يقاتل المسلمين ولم يخرجهم من ديارهم فإن المسلمين يقابلون ذلك بمكافأته بالإحسان والعدل معه في التعامل الدنيوي ولا يحبونه بقلوبهم لأن الله قال: {أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} ولم يقل: توالونهم وتحبونهم.
ونظير هذا قوله تعالى في الوالدين الكافرين {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}[لقمان: ١٥].
وقد جاءت أم أسماء إليها تطلب صلتها وهي كافرة فاستأذنت أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فقال لها:"صِلِي أمك" وقد قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ}[المجادلة: ٢٢].
فالصلة والمكافأة الدنيوية شيء، والمودة شيء آخر. ولأن في الصلة وحسن المعاملة ترغيبا للكافر في الإسلام فهما من وسائل الدعوة بخلاف المودة والموالاة فهما يدلان على إقرار الكافر على ما هو عليه والرضى عنه وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلام. وكذلك تحريم موالاة الكفار لا تعني تحريم التعامل معهم بالتجارة المباحة واستيراد البضائع والمصنوعات النافعة والاستفادة من خبراتهم ومخترعاتهم.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - استأجر ابن أريقط الليثي ليدله على الطريق وهو كافر واستدان من بعض اليهود.
(١) روه مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء رقم ١٤٦٩، شرح رياض الصالحين ٣/ ٢٧٥.