للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصح بذلك أنه من لم يبلغه الإسلام أصلًا فإنه لا عذاب عليه، وهكذا جاء النص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يؤتى يوم القيامة بالشيخ الخرف، والأصم، ومن كان في الفترة، والمجنون، فيقول المجنون: يا رب أتاني الإسلام، وأنا لا أعقل، ويقول الخرف والأصم، والذي في الفترة أشياء ذكرها، فيوقد لهم نار، ويقال لهم: أدخلوها، فمن دخلها وجدها بردًا وسلامًا. وكذلك من لم يبلغه الباب من واجبات الدين، فإنه معذور لا ملامة عليه" (١).

ويقول الشاطبي: "جرت سنته سبحانه في خلقه، أنه لا يؤاخذ بالمخالفة إلا بعد إرسال الرسل، فإذا قامت الحجة عليهم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولكل جزاء مثله" (٢).

قال ابنُ تَيمِيَّةَ: "والذي عليه السلف والأئمة أن الله تعالى لا يعذب إلا من بلغه الرسالة، ولا يعذب إلا من خالف الرسل كما دل عليه الكتاب والسنة، ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالأطفال، والمجانين وأهل الفترات، فهؤلاء فيهم أقوال، أظهرها ما جاءت به الآثار أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيبعث إليهم من يأمرهم بطاعته، فإن أطاعوه استحقوا الثواب، وإن عصوه استحقوا العذاب" (٣).

والقول بأنهم يمتحنون حكاه الأشعري عن جمهور السلف (٤). وممن قال به المروزي (٥)، والبيهقي (٦)، وابن كثير ونصره ابن القيم وقال: "وبهذا يتألف شمل


(١) الفصل ٤/ ١٠٥.
(٢) الموافقات ٣/ ٣٧٧.
(٣) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ١/ ٣١٢، وانظر مجموع الفتاوى (تفسير سورة الإخلاص) ١٧/ ٣٠٨. ودرء التعارض ٨/ ٤٠١، ومختصر الفتاوى المصرية ص ٦٤٣.
(٤) تفسير ابن كثير ٣/ ٣٠.
(٥) أحكام أهل الذمة ٢/ ٦٥٠.
(٦) الاعتقاد للبيهقي ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>