للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قالوا: نعم.

قيل لهم: ما الفرق؟ وقد زعمتم أن الله عزَّ وجلَّ أراد الأمرين جميعًا، فإن جاز أن يكون بأحدهما مؤمنًا إذا ترك الآخر، جاز أن يكون بالآخر إذا عمل ولم يقر مؤمنًا، لا فرق بين ذلك.

فإن احتج فقال: لو أن رجلًا أسلم فأقر بجميع ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، أيكون مؤمنًا بهذا الإقرار قبل أن يجئ وقت عمل؟.

قيل له: إنما نطلق له الاسم بتصديقه أن العمل عليه بقوله أن يعمله في وقته إذا جاء، وليس عليه في هذا الوقت الإقرار بجميع ما يكون به مؤمنًا. وقال: أقر ولا أعمل لم نطلق له اسم الإيمان" (١).

وقال ابن تيمية: "من الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانًا ثابتًا في قلبِه، بِأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة، والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله الزكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلبِ وزندقة، لا مع إيمان صحيح. ولهذا إنما يصف سبحانه بِالامتناع من السجود الكفار كقوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: ٤٣،٤٢] " (٢).

وفي معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإسلام على خمس" قال الحافظ ابن رجب: (أن الإسلام مثله كبنيان، وهذه الخمس: دعائم البنيان وأركانه التي يثبت عليها البنيان.

وقد روي في لفظ: "بني الإسلام على خمس دعائم".


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٤/ ٩٣١ - ٩٣٣ رقم (١٥٩٠).
(٢) مجموع الفتاوى ٧/ ٦١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>