للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والجماعة أنه لا يجوز أن يشهد لأحد بجنة أو نار إلا من نص عليه القرآن الكريم كأبي لهب أو شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك كالعشرة من الصحابة ونحوهم، ومثل ذلك في المعنى الشهادة له بأنه مغفور له أو مرحوم، لذا ينبغي أن يقال بدلا منها: "غفر الله له" أو "رحمه الله" أو نحو ذلك من كلمات الدعاء للميت" (١).

ومن هذا الباب الشهادة لشخص معين بأنه شهيد. قال الشيخ ابن عثيمين: "فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي -صلى الله عليه وسلم- أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري رحمهُ اللهُ لهذا بقوله: "باب لا يقال فلان شهيد" قال في الفتح ٦/ ٩٠: أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي، وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيدًا ولعله قد يكون قد أوقر راحلته: ألا لا تقولوا ذلكم، ولكن قولوا كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من مات في سبيل الله أو قتل فهو شهيد". وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر. اهـ كلامه.

ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيدا أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها، ولهذا قال النبي مشيرًا إلى ذلك: "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله" (٢). وقال: "والذي نفسي بيده لا يُكْلَم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيله إلا جاء يوم القيامة واللون لون الدم والريح ريح المسك" (٣) رواهما البخاري من حديث أبي هريرة. ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن" (٤).


(١) فتاوى ابن باز ص ٧٣٧.
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٨٧) من حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٠٣).
(٤) مجموع فتاوى ابن عثيمين ٣/ ١١٦، الجواب المختار لهداية المحتار لابن عثيمين ص ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>