للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحقق الصلاح، فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب وهذا أمر لا يمكن الإطلاع عليه إلا بنص، كالصحابة الذين أثنى الله عليهم ورسوله أو أئمة التابعين، ومن شهر بصلاح ودين كالأئمة الأربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم الأمة بالصلاح وقد عدم أولئك، أما غيرهم فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم.

ومنها أنا لو ظننا صلاح شخص فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء، والأعمال بالخواتيم فلا يكون أهلا للتبرك بآثاره.

ومنها أن الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره لا في حياته، ولا بعد موته، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، فهلا فعلوه مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم من الذين شهد لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجنة، وكذلك التابعون هلا فعلوه مع سعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وأويس القرني والحسن البصري ونحوهم ممن يقطع بصلاحهم فدل أن ذلك مخصوص بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.

ومنها أن فعل هذا مع غيره -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن أن يفتنه وتعجبه نفسه فيورثه العجب والكبر والرياء فيكون هذا كالمدح في الوجه بل أعظم" (١).

قال ابن رجب: "وفي الجملة فهذه الأشياء فتنة للمعظِّم والمعظَّم لما يخشى عليه من الغلو المدخل في البدعة وربما يترقى إلى نوع من الشرك" (٢).

قال ابن باز رحمهُ اللهُ: "لا يجوز التبرك بأحد غير النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بوضوئه، ولا بشعره، ولا بعرقه، ولا بشيء من جسده؛ بل هذا كله خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لما جعل الله في جسده وما مسه من الخير والبركة.

ولهذا لم يتبرك الصحابة -رضي الله عنهم- بأحد منهم، لا في حياته ولا بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم. فدل ذلك على أنهم قد عرفوا أن ذلك خاص


(١) تيسير العزيز الحميد ١٨٥، ١٨٦.
(٢) الحكم الجديرة بالإذاعة لابن رجب ص ٥٥. وانظر: كتاب التبرك للجديع ص ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>