"أولًا: باستقراء المساجد الموجودة في مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة المنورة -حرسها الله تعالى- تبين أنها على أنواع هي:
النوع الأول: مسجد في مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبتت له فضيلة بخصوصه، وهي مسجدان لا غير: أحدهما مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، والثاني مسجد قباء.
النوع الثاني: مساجد المسلمين العامة في مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذه لها ما لعموم المساجد، ولا يثبت لها فضل يخصها.
النوع الثالث: مسجد بُني في جهة كان النبي -صلى الله عليه وسلم- صلَّى فيها أو أنه هو عيَّن المكان الذي صلى فيه تلك الصلاة، مثل مسجد بني سالم، ومصلى العيد، فهذه لم يثبت لها فضيلة تخصها، ولم يرد ترغيب في قصدها وصلاة ركعتين فيها.
النوع الرابع: مساجد بدعية محدثة نُسبت إلى عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وعصر الخلفاء الراشدين، واتخذت مزارًا مثل: المساجد السبعة، ومسجد في جبل أُحُد، وغيرها، فهذه مساجد لا أصل لها في الشرع المطهر، ولا يجوز قصدها لعبادة ولا لغيرها، بل هو بدعة ظاهرة.
ومعلوم أن الهدف من بناء المساجد جمع الناس فيها للعبادة، وهو اجتماع مقصود في الشريعة، ووجود المساجد السبعة في مكان واحد لا يحقق هذا الغرض، بل هو مدعاة للافتراق المنافي لمقاصد الشريعة، وهى لم تُبن للاجتماع؛ لأنها متقاربة جدًا، وإنما بنيت للتبرك بالصلاة فيها والدعاء، وهذا ابتداع واضح، أما أصل هذه المساجد بهذه التسمية -أي المساجد السبعة- فليس له سند تاريخي على الإطلاق، وإنما ذكر ابن زبالة مسجد الفتح وهو رجل كذاب رماه بذلك أئمة الحديث، مات في آخر المائة الثانية، ثم جاء بعده ابن شبه المؤرخ وذكره، ومعلوم أن المؤرخين لا يهتمون بالسند وصحته، وإنما ينقلون ما يبلغهم ويجعلون العهدة على من حدثهم، كما قال ذلك الحافظ الإمام ابن جرير في تاريخه، أما الثبوت