للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إعراضه عنه، وعدم الاستسلام والانقياد إليه، وبهذا قد اتخذوا هواهم إلهًا؛ فصدق فيهم قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣)} [الجاثية: ٢٣] (١).

وفي قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨)} قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية -رحمه الله-: "إن من تولى عن طاعة الرسول، وأعرض عن حكمه فهو من المنافقين، وليس بمؤمن، وإن المؤمن هو الذي يقول سمعنا وأطعنا، فإذا كان النفاق يثبت ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول وإرادة التحاكم إلى غيره مع أن هذا ترك محض، وقد يكون سببه قوة الشهوة، فكيف بالتنقص والسب ونحوه" (٢).

وسئل رحمه الله تعالى: "عن رجل تولى حكومة على جماعة من رماة البندق، ويقول: هذا شرع البندق، وهو ناظر على مدرسة وفقهاء: فهل إذا تحدث في هذا الحكم والشرع الذي يذكره تسقط عدالته من النظر أم لا؟ وهل يجب على حاكم المسلمين الذي يثبت عدالته عنده إذا سمع أنه يتحدث في شرع البندق الذي لم يشرعه الله ولا رسوله أن يعزله من النظر أم لا؟

فأجاب: الحمد لله. ليس لأحد أن يحكم بين أحد من خلق الله؛ لا بين المسلمين ولا الكفار ولا الفتيان ولا رماة البندق ولا الجيش ولا الفقراء ولا غير ذلك إلا بحكم الله ورسوله، ومن ابتغى غير ذلك تناوله قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)}، وقوله تعالى {فَلَا وَرَبِّكَ


(١) شبهات حول السنة ورسالة الحكم بغير ما أنزل الله ص ٦٤، ٦٥.
(٢) الصارم المسلول ص ٣٩، ومختصر الصواعق ٢/ ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>