للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك إلى الحكم الحق أتمَّ تسليم، ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد، وهو قوله جل شأنه: {تَسْلِيمًا}. المبيِّن أنّه لا يُكتفى ها هنا بالتسليم .. بل لا بد من التسليم المطلق" (١).

وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله-: "ومن كان منتسبًا للإسلام عالمًا بأحكامه ثم وضع للناس أحكامًا وهيأ لهم نظمًا؛ ليعملوا بها ويتحاكموا إليها؛ وهو يعلم أنها تخالف أحكام الإسلام؛ فهو كافر خارج من ملة الإسلام.

وكذا الحكم فيمن أمر بتشكيل لجنة أو لجان لذلك، ومن أمر الناس بالتحاكم إلى تلك النظم والقوانين أو حملهم على التحاكم إليها وهو يعلم أنها مخالفة لشريعة الإسلام.

وكذا من يتولَّى الحكم بها وطبقها في القضايا ومن أطاعهم في التحاكم إليها باختياره، مع علمه بمخالفتها للإسلام فجميع هؤلاء شركاء في الإعراض عن حكم الله، لكن بعضهم يضع تشريعًا يضاهي به تشريع الإسلام ويناقضه على علم منه وبيّنه.

وبعضهم بالأمر بتطبيقه، أو حمل الأمة على العمل به، أو وَلِيَ الحكم به بين الناس أو نَفَّذ الحكم بمقتضاه.

وبعضهم بطاعة الولاة والرضا بما شرعوا لهم ما لم يأذن به الله ولم ينزل به سلطانًا. فكلهم قد اتبع هواه بغير هدى من الله، وصدَّق عليهم إبليسُ ظنَّهُ فاتبعوه، وكانوا شركاء في الزيغ؛ والإلحاد والكفر والطغيان؛ ولا ينفعهم علمهم بشرع الله، واعتقادهم ما فيه، مع إعراضهم عنه، وتجافيهم لأحكامه، بتشريع من عند أنفسهم، وتطبيقه والتحاكم إليه؛ كما لم ينفع إبليس علمه بالحق، واعتقاده إياه مع


(١) تحكيم القوانين، ص ٥، ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>