للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عرف أن لا إله إلا الله فلا بد من الانقياد لحكم الله والتسليم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-. فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول -صلى الله عليه وسلم- في موارد النزاع فقد كذب في شهادته" (١).

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن: "من تحاكم إلى غير كتاب، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعد التعريف، فهو كافر، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} [المائدة: ٤٤] ". ثم ذكر الأدلة (٢).

قال الشيخ محمد بن إبراهيم في رسالة تحكيم القوانين: "وقد نفى الله -سبحانه وتعالى- الإيمان عن من لم يحكموا النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما شجر بينهم، نفيًا مؤكدًا بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]. ولم يكتف اللهَ تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، بقوله جل شأنه: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}. والحرج: الضيق. بل لا بد من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب.

ولم يكتف تعالى أيضًا هنا بهذين الأمرين، حتى يضمُّوا إليهما التسليم وهو كمال الانقياد لحكمه -صلى الله عليه وسلم- بحيث يتخلون ها هنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء، ويسلموا


(١) تيسير العزيز الحميد ص ٥٥٤ - ٥٥٥.
(٢) الدرر السنية ١٠/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>