بعض الآثار وحديث عدي بن حاتم، ثم عقد بابًا بعده فقال: باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ}[النساء: ٦٠] وذكر آيات وآثار عن السلف.
والذين شرحوا كتاب التوحيد ربطوا بين هذين البابين وقضية التوحيد والإقرار بالشهادتين. قال الشيخ سليمان بن عبد الله في باب من أطاع العلماء والأمراء ... :"لما كانت الطاعة من أنواع العبادة، بل هي العبادة، بامتثال ما أمر به على ألسنة رسله عليهم السلام نبه المصنف -رحمه الله تعالى- بهذه الترجمة على وجوب اختصاص الخالق تبارك وتعالى بها، وأنه لا يطاع أحد من الخلق إلا حيث كانت طاعته مندرجة تحت طاعة الله، وإلا فلا تجب طاعة أحد من الخلق استقلالًا. والمقصود هنا الطاعة الخاصة في تحريم الجلال أو تحليل الحرام، فمن أطاع مخلوقًا في ذلك غير الرسول -صلى الله عليه وسلم- -فإنه لا ينطق عن الهوى- فهو مشرك كما بينه تعالى في قوله:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ} أي علماءهم {أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١] وفسرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بطاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام"(١).
وقال معلقًا على الباب الثاني:"لما كان التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله مشتملًا على الإيمان بالرسول -صلى الله عليه وسلم- مستلزمًا له، وذلك هو الشهادتان ولهذا جعلهما النبي -صلى الله عليه وسلم- ركنًا واحدًا في قوله: "بني الإسلام على خمس" .. نبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من تحكيم الرسول -صلى الله عليه وسلم- في موارد النزاع؛ إذ هذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، ولازمها الذي لا بد منه لكل مؤمن، فإن من