للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}؛ ولأن هذا غاية جهده فيكون داخلا في قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] " (١).

ومن الأدلة في ذلك حديث حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- عندما أرسل برسالة مع الظعينة لأهل مكة قبل الفتح يخبرهم بتجهيز المسلمين إليهم فلم يكفره النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقدأنزل الله -عز وجل- فيه هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: ١]. قال الإمام البخاري -رحمه الله-: "باب ما جاء في المتأولين" (٢) وذكر الحديث.

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: "وقد أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت في حاطب ابن أبي بلتعة، وقصة الرسالة مع الظعينة لأهل مكة قبل الفتح بإخبارهم بتجهيز المسلمين إليهم" (٣).

قال ابن قدامة في مسألة العذر بالتأويل: "وإن كان بتأويل كالخوارج، فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم وفعلهم لذلك متقربين إلى الله تعالى" (٤)، ثم قال: "وكذلك يخرج في كل محرم استحل بتأويل مثل هذا" (٥).

وقال: "وقد رُوي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلا لها، فأقام عمر عليه الحد ولم يكفره، وكذلك أبو جندل بن سهيل، وجماعة معه، شربوا الخمر بالشام مستحلين لها، مستدلين بقول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ٢/ ١٣٦.
(٢) صحيح البخاري حديث رقم (٦٩٣٦).
(٣) أضواء البيان ٨/ ١٣٠.
(٤) المغني ٩/ ٢١.
(٥) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>