للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] فلم يكفروا، وعرفوا تحريمها فتابوا، وأقيم عليهم الحد، فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم" (١).

وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أمثلةً على وقوع الخطأ في التأويل فقال: "وذلك كالمتأولين في تناول المسكر من صالحي أهل الكوفة ومن اتبعهم على ذلك، وإن كان المشروب خمرا لا يشك في ذلك من اطلع على أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأقوال الصحابة، وكذلك المتأولون للمتعة والصرف من أهل مكة، متبعين لما كان يقوله ابن عباس -وإن كان قد رجع عن ذلك، أو زادوا عليه- إذ لا يشك في ذلك، وأنه من أنواع الربا المحرم والنكاح المحرم، من اطَّلع على نصوص النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك المتأولون في بعض الأطعمة والحشوش من أهل المدينة، وإن كان لا يشك في تحريم ذلك من اطلع على نصوص النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وكذلك ما دخل من السابقين والتابعين من القتال في الفتنة والبغي بالتأويل، مع ما عُلِم في ذلك من نصوص الكتاب والسنة من ترك القتال، والصلح. فما تأول فيه قوم من ذوي العلم والدين من مطعوم أو مشروب أو منكوح، أو مملوك، أو مما قد علم أن الله قد حرمه ورسوله لم يجز اتباعهم في ذلك -مغفورا لهم- وإن كانو خيار المسلمين، والله قد غفر لهذه الأمة الخطأ والنسيان، كما دل عليه الكتاب والسنة، وهو سبحانه يمحو السيئات بالحسنات، ويقبل التوبه عن عباده، ويعفو عن السيئات" (٢).

وقال شيخ الإسلام: "وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر، ولا بفسق، ولا معصية كما أنكر شريح قراءة من قرأ {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}. وقال: إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي


(١) المغني ٩/ ٢٢.
(٢) الاستقامة ١/ ٢٩٨، ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>