للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهرة، ولهذا لما ذكر الأثرم لأحمد احتجاج المرجئة بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعتقها فإنها مؤمنة". أجابه بأن المراد حكمها في الدنيا حكم المؤمنة، لم يرد أنها مؤمنة عند الله تستحق دخول الجنة بلا نار إذا لقيته بمجرد هذا الإقرار" (١)؛ لأن الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا لا يستلزم الإيمان في الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة" (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لم أُومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أن أشق بطونهم". وقد قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "من أظهر لنا خيرًا أحببناه وواليناه عليه وإن كانت سريرته بخلاف ذلك، ومن أظهر لنا شرًا أبغضناه عليه وإن زعم أن سريرته صالحة"" (٣).

وقال -رحمه الله-: "فإن كون الرجل مسلمًا في الظاهر لا يمنع أن يكون منافقًا في الباطن، فإن المنافقين كلهم مسلمون في الظاهر، والقرآن قد بيَّن صفاتهم وأحكامهم، وإذا كانوا موجودين على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي عزة الإسلام مع ظهور أعلام النبوة ونور الرسالة فهم مع بعدهم عنهما أشد وجودًا لا سيما وسبب النفاق هو سبب الكفر وهو المعارض لما جاءت به الرسل" (٤).

وقال أيضًا: "يجب أن يفرق بين أحكام المؤمنين الظاهرة التي يحكم فيها الناس في الدنيا، وبين حكمهم في الآخرة بالثواب والعقاب، فالمؤمن المستحق للجنة لا بد أن يكون مؤمنًا في الباطن باتفاق جميع أهل القبلة" (٥).


(١) الإيمان ص ٣٩٨، وانظر ص ٢٠١، ٢٠٢، ٢٤٣.
(٢) نفس المصدر ص ١٩٧.
(٣) مجموع الفتاوى ٢٣/ ١٧٤، ١٧٥، ١٧٦.
(٤) مجموع الفتاوى ٢/ ٢٠١.
(٥) الإيمان ص ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>