للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمم عن تيقن وعلم، ومعرفة بصدق أنبيائهم وصحة دعواهم وما جاؤا به" (١).

ويلزم من قولهم كذلك أن من نذر للشمس والقمر أو ذبح للجن أنه ليس بمشرك حتى يعتقد، ويلزم من قولهم أيضًا: أن من رفض شريعة الله واستبدل بها القوانين الوضعية المخالفة لشرع الله فإنه لا يكفر حتى يجحد أو يستحل وكل هذا ناتج عن قولهم أن الكفر لا يكون إلا بالاعتقاد فقط والصحيح أن الكفر يكون بالقول باللسان أو بأعمال القلوب أو بأفعال الجوارح.

يقول ابن الوزير في الرد على من اشترط الاعتقاد في قول الكفر: " .. وعلى هذا لا يكون شيء من الأفعال والأقوال كفرا، إلا مع الاعتقاد، حتى قتل الأنبياء، والاعتقاد من السرائر المحجوبة، فلا يتحقق كفر كافر قط إلا بالنص الخاص في شخص شخص" (٢).

وفي قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (٢٥) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (٢٧) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٢٨)} [محمد: ٢٥ - ٢٨].

قال ابن حزم: "فجعلهم مرتدين كفارًا بعد علمهم بالحق، وبعد أن تبين لهم الهدى، بقولهم للكفار ما قالوا فقط وأخبرنا تعالى أنه يعرف إسرارهم، ولم يقل تعالى أنهم جحدوا، بل قد صح أن في سرهم التصديق؛ لأن الهدى قد تبين لهم، ومن تبين له شيء، فلا يمكن ألبته أن يجحده بقلبه أصلًا" (٣).


(١) مفتاح دار السعادة ١/ ٩٤.
(٢) إيثار الحق على الخلق ص ٤١٩.
(٣) الفصل ٣/ ٢٦٢، ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>