لأن هذا المعنى لا يناسب سياق الكلام، والقوم كانوا يجعلون مع الله آلهة أخرى، كما قال تعالى:{أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ}[الأنعام: ١٩] وكانوا يقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} [ص: ٥] لكنهم ما كانوا يقولون: إن معه إلهًا {أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا}[النمل: ٦١]، بل هم مُقرُّون بأن الله وحده فعل هذا، وهكذا سائر الآيات ....
وتوحيد الإلهية متضمن لتوحيد الربوبية دون العكس، فمن لا يقدر على أن يخلق يكون عاجزًا، والعاجز لا يصلح أن يكون إلهًا قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١)} [الأعراف: ١٩١]، وقال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)} [النحل: ١٧].
فإن قلت: كيف يُستدل بأسمائه وصفاته، فإن الاستدلال بذلك لا يُعهد في الاصطلاح؟
فالجواب: أن الله تعالى قد أودع في الفطر التي لم تتنجس بالجحود والتعطيل، ولا بالتشبيه والتمثيل، أنه سبحانه الكامل في أسمائه وصفاته، وأنه المصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رسُلُه، وما خفي عن الخلق من كماله أعظم وأعظم مما عرفوه منه.
ومن كماله المقدَّس شهادته على كل شيء واطلاعه عليه، بحيث لا يغيب عنه ذرة في السماوات ولا في الأرض باطنًا وظاهرًا، ومن هذا شأنه كيف يليقُ بالعباد أن يشركوا به، وأن يعبدوا غيره ويجعلوا معه إلهًا آخر؟ " (١).
وقال الشيخ صالح الفوزان في بيان علاقة توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية: