للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"علاقة أحد النوعين بالآخر أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإلهية بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجب الإقرار بتوحيد الإلهية والقيام به، فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية بمعنى أن توحيد الربوبية يدخل ضمن توحيد الألوهية، فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئًا فلا بد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه كما قال إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)} [الشعراء: ٧٥ - ٨٢].

والربوبية والألوهية تارة يذكران معًا فيفترقان في المعنى ويكون أحدهما قسيمًا للآخر، كما في قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣)} فيكون معنى الرب هو المالك المتصرف في الخلق ويكون معنى الإله أنه المعبود بحق المستحق للعبادة وحده، وتارة يذكر أحدهما مفردًا عن الآخر فيجتمعان في المعنى، كما في قول الملكين للميت في القبر: من ربك؟ ومعناه من إلهك وخالقك، وكما في قوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، قوله: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا}، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}. والربوبية في هذه الآيات هي الإلهية، والذي دعت إليه الرسل من النوعين هو توحيد الألوهية؛ لأن توحيد الربوبية يُقرّ به جمهور الأمم ولم ينكره إلا شواذ من الخليقة أنكروه في الظاهر فقط" (١).


(١) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص ٢٣ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>