للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جراء سؤالهم، وحببوا إليهم بعض الشركيات، أو بعض البدع، حتى فشا ذلك بينهم، فبسبب هؤلاء المتطببين الجهلة والقراء المشعوذين انتشر الشرك - قديمًا - في الديار النجدية وما حولها، كما ذكر ابن غنام.

وقد حصل أن بعض مستخدمي الجن كثر عنده الناس، فلما رأى من ذلك صار يعالج علاجًا نافعًا فزاد تسخُّر الجن له، حتى ضعُف تأثيره، فلما ضعف تأثيره ولم يستطع مع الحالات التي تأتيه للقراءة أو للعلاج شيئًا صار تعلقه بالجن أكثر، ولا زال ينحدر ما في قلبه من قوة اليقين، وعدم الاعتماد بقلبه على الجن، حتى اعتمد عليهم شيئًا فشيئًا، ثم حَرَفوه - والعياذ بالله - عن السنة، وعما يجب أن يكون في القلب من توحيد الله وإعظامه، وعدم استخدام الجن في لأغراض الشركية، فجعلوه يستخدم الجن في أغراض شركية وأغراض لا تجوز بالاتفاق.

فهذا الباب مما يجب وصده، وكذلك يجب إنكار وسائل الشرك والغواية، وحكم من يستخدم الجن ويعلن ذلك، ويطلب خدمتهم لمعرفة الأخبار فهذا جاهل بحقيقة الشرع، وجاهل بوسائل الشرك، وما يصلح المجتمعات وما يفسدها، والله المستعان" (١).

٣ - قال ابن كثير: "ولا شك أن الجن لم يبعث الله تعالى منهم رسولًا. لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف:١٠٩] " (٢).

وقد ذكر ابن عباس أن الجن فيهم نذر والدليل قوله تعالى: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: ٢٩].

قال ابن القيم رحمه الله: "ولما كان الإنس أكمل من الجن أتم عقولًا ازدادوا عليهم بثلاثة أصناف أخر ليس شيء منها للجن وهم: الرسل، والأنبياء،


(١) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص ٦١٦ - ٦١٩.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>