للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمقربون. فليس في الجن صنف من هؤلاء، بل حليتهم الصلاح، وذهب شذاذ من الناس إلى أن فيهم الرسل والأنبياء محتجين على ذلك بقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام:١٣٠]، وبقوله {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} إلى قوله: {مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:٢٩]، وقد قال الله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [النساء: ١٦٥]، وهذا قول شاذ لا يُلتفت إليه ولا يُعرف به سلف من الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام، وقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} لا يدل على أن الرسل من كل واحدة من الطائفتين، بل إذا كانت الرسل من الإنس وقد أمرت الجن باتباعهم صح أن يقال للإنس والجن: ألم يأتكم رسل منكم، ونظير هذا أن يقال للعرب والعجم: ألم يجئكم رسل منكم يا معشر العرب والعجم، فهذا لا يقتضي أن يكون من هؤلاء رسل ومن هؤلاء. وقال تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [نوح: ١٦]، وليس في كل سماء قمر، وقوله تعالى: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف:٢٩] فالإنذار أعم من الرسالة والأعم لا يستلزم الأخص قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: ١٢٢] فهؤلاء نذر وليسوا برسل، قال غير واحد من السلف: الرسل من الإنس، وأما الجن ففيهم النذر قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف:١٠٩]، فهذا يدل على أنه لم يرسل جنيًا ولا امرأة ولا بدويًا، وأما تسميته تعالى الجن رجلًا في قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: ٦] فلم يطلق عليهم الرجال، بل هي تسمية مقيدة بقوله {مِنَ الْجِنِّ} فهم رجال من الجن ولا يستلزم ذلك دخولهم في الرجال عند

<<  <  ج: ص:  >  >>