للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي حديث عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه -، قال: لما استعملني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الطائف، جعل يعرض لي شيء في صلاتي، حتى ما أدري ما أصلِّي فلما رأيت ذلك، رحلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ابن أبي العاص؟ " قلت: نعم رسول! قال: "ما جاء بك؟ " قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلواتي، حتى ما أدري ما أصلي. قال: "ذاك الشيطان، ادنُهْ" فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي. قال: فضرب صدري بيده، وتفل في فمي، وقال: "اخرج عدو الله" ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: "الحق بعملك" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق سلف الأمة وأئمتها، وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}.

وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" (٢).

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قلت لأبي: إن أقوامًا يقولون: إن الجني لا يدخل في بدن المصروع. فقال: يا بني يكذبون، هذا يتكلم على لسانه.

وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربًا عظيمًا لو ضرب به جمل لأثر به أثرًا عظيمًا، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب، ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع، وغير المصروع، ويجر البساط الذي يجلس عليه، ويحول آلات، وينقل من مكان إلى مكان، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علمًا ضروريًا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان.


(١) أخرجه ابن ماجه في السنن كتاب الطب (٣٥٤٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٣٩)، ومسلم (٢١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>