للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي" - وفي لفظ -: "سبقت غضبي" (١). فتأمل كيف أكد هذا الطلب والإيجاب بذكر فعل الكتاب وصفة اليد ومحل الكتابة وأنه كتاب وذكر مستقر الكتاب، وأنه عنده فوق العرش فهذا إيجاب مؤكد بأنواع من التأكيد وهو إيجاب منه على نفسه ومنه قوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:٤٧] فهذا حق أحقه على نفسه فهو طلب وإيجاب على نفسه بلفظ الحق ولفظ على، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح لمعاذ: "ما حق الله على عباده؟ " قلت: الله ورسوله أعلم قال: "حقه عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ " قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "حقهم عليه أن لا يعذبهم بالنار" (٢).

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث: من فعل كذا وكذا كان حقًّا على الله أن يفعل به كذا وكذا في الوعد والوعيد، فهذا الحق هو الذي أحقه على نفسه.

ومنه الحديث الذي في المسند من حديث أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول الماشي إلى الصلاة: "أسألك بحق ممشاي هذا وبحق السائلين عليك" (٣) فهذا حق للسائلين عليه هو أحقه على نفسه لا أنهم هم أوجبوه ولا أحقوه بل أحق على نفسه أن يجيب من سأله، كما أحق على نفسه في حديث معاذ أن لا يعذب من عبده، فحق السائلين عليه أن يجيبهم، وحق العابدين له أن يثيبهم - والحقان هو الذي أحقهما وأوجبهما لا السائلون ولا العابدون" (٤).


(١) أخرجه البخاري (٧٤٠٤)، ومسلم (٢٧٥١).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٧٧٨) والإمام أحمد (١١١٧٣).
(٤) بدائع الفوائد ٢/ ١٦١. وانظر للاستزادة شفاء العليل ١/ ١١٤، إغاثة اللهفان ١/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>