للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القيم رحمه الله: "إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصيانًا، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر" (١).

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: "فانظر كيف سجل الله تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل الله الكفر، والظلم، والفسوق، ومن الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافرًا ولا يكون كافرًا، بل هو كافر مطلقًا إما كفر عمل، وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسيره هذه الآية من رواية طاووس وغيره يدل أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملة" (٢).

ثم قال في موضع آخر مبينا ذلك رحمه الله: "وأما القسم الثاني: من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله وهو الذي لا يُخرِجُ من الملة، فقد تقدم أن تفسير ابن عباس - رضي الله عنه - لقول الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قد شمل ذلك القسم وذلك في قوله - رضي الله عنه -: "كفر دون كفر وقوله أيضًا: "ليس الكفر الذي تذهبون إليه" اهـ. وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى، وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر، كالزنا وشرب الخمر، والسرقة، واليمين الغموس، وغيرها فإن معصية سماها الله في كتابه كفرًا أعظم من معصية لم يسمها كفرًا" (٣).

ويقول الشنقيطي رحمه الله: "من لم يحكم بما أنزل الله معتقدًا أنه مرتكبٌ حرامًا فاعلٌ قبيحًا، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج عن الملة" (٤).


(١) مدارج السالكين ١/ ٣٣٦، وانظر شرح الطحاوية ٢/ ٤٤٦.
(٢) تحكيم القوانين ص ١٣.
(٣) تحكيم القوانين ص ٢٠. انظر فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم ١٢/ ٢٩١.
(٤) أضواء البيان ٢/ ١٠٤، وانظر الأضواء ٢/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>