للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن باز: "أما من حكم بغير ما أنزل الله لهوىً، أو لحظ عاجل وهو يعلم أنه عاصٍ لله ولرسوله وأنه فعل منكرًا عظيمًا، وأن الواجب عليه الحكم بشرع الله فإنه لا يكفر بذلك الكفر الأكبر، لكنه قد أتى منكرًا عظيمًا ومعصية كبيرة وكفرًا أصغر كما قال ذلك ابن عباس ومجاهد وغيرهما من أهل العلم، وقد ارتكب بذلك كفرًا دون كفر، وظلمًا دون ظلم وفسقًا دون فسق، وليس هو الكفر الأكبر وهذا قول أهل السنة والجماعة" (١).

وقال ابن عثيمين رحمه الله: "وصف الله الحاكمين بغير ما أنزل الله بثلاثة أوصاف: قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤]، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥]، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:٤٧]، واختلف أهل العلم في ذلك: فقيل: إن هذه الأوصاف لموصوف واحد، لأن الكافر ظالم لقوله تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: ٢٥٤]. وفاسق لقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [السجدة: ٢٠] أي كفروا.

وقيل إنها لموصوفين متعددين، وإنها على حسب الحكم، وهذا هو الراجح: فيكون كافرًا في ثلاثة أحوال:

أ - إذا اعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله، بدليل قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة:٥٠]، فكل ما خالف حكم الله فهو من حكم الجاهلية، بدليل الإجماع القطعي على أنه لا يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، فالمُحل والمُبيح للحكم بغير ما أنزل الله مخالف لإجماع المسلمين القطعي، وهذا كافر مرتد، وذلك كمن


(١) مجموع فتاوى ابن باز ص ٩٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>