بدليل قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة:٥٠] فتضمنت الآية أن حكم الله أحسن الأحكام بدليل قوله تعالى مقررا ذلك: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨]، فإذا كان الله أحسن الحاكمين أحكامًا وهو أحكم الحاكمين فمن ادعى أن حكم غير الله مثل حكم الله أو أحسن فهو كافر، لأنه مكذب للقرآن.
ويكون ظالمًا إذا اعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله أحسن الأحكام وأنه أنفع للعباد والبلاد وأنه الواجب تطبيقه، ولكن حمله البغض والحقد للمحكوم عليه حتى حكم بغير ما أنزل الله فهو ظالم.
ويكون فاسقًا: إذا كان حكمه بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه مع اعتقادة أن حكم الله هو الحق، لكن حكم بغيره لهوى في نفسه، أي محبة لما حكم به لا كراهية لحم الله ولا ليضر أحدًا به، مثل: أن يحكم لشخص لرشوة رُشِيَ إياها، أو لكونها قريبًا أو صديقًا، أو يطلب من ورائه حاجة، وما أشبه ذلك مع اعتقاده بأن حكم الله هو الأمثل والواجب اتباعه، فهذا فاسق، وإن كان أيضًا ظالمًا، لكن وصف الفسق في حقه أولى من وصف الظلم.
أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله، وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين فهو كافر لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه خير للعباد والبلاد ومن شريعة الله" (١).
(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٧٤٠ - ٧٤٢. وانظر القول المفيد ط ١ - ٢/ ٢٦٨. وانظر شرح ثلاثة الأصول من المجموع ٦/ ١٦١.