للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تقتضي تخليده في النار، قال الإمام ابن القيم مجيبًا عن هذا الإشكال: "إن الله سبحانه ذكر جزاء من يريد بعمله الحياة الدنيا وزينتها، وهو النار، وأخبر بحبوط عمله وبطلانه، فإذا أحبط ما ينجو به وبطل، لم يبق معه ما ينجيه. فإن كان معه إيمان لم يرد به الحياة الدنيا وزينتها، بل أراد به الله والدار الآخرة، لم يدخل هذا الإيمان في العمل الذي حبط وبطل. ونجاة هذا الإيمان من الخلود في النار، وإن دخلها بحبوط عمله الذي به النجاة المطلقة. فالإيمان إيمانان:

إيمانٌ: يمنع دخول النار، وهو الإيمان الباعث على أن تكون الأعمال لله وحده يبتغي بها وجهه وثوابه.

وإيمانٌ: يمنع الخلود في النار، فإن كان مع المرائي شيء منه، وإلا كان من أهل الخلود. فالآية لها حكم نظائرها من آيات الوعيد" (١).

وقد سُئل الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - عن معنى هذه الآية فأجاب بما ملخصه: "ذكر عن السلف من أهل العلم فيها أنواع مما يفعله الناس اليوم ولا يعرفون معناه.

فمن ذلك العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله من صدقة وصلاة وإحسان إلى الناس، وترك ظلم، ونحو ذلك مما يفعله الإنسان، أو يتركه خالصًا لله لكنه لا يريد ثوابه في الآخرة، إنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته، أو حفظه أهله وعياله، أو إدامة النعم عليهم، ولا همة له في طلب الجنة، والهرب من النار، فهذا يعطي ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب. وهذا النوع ذكره ابن عَبَّاسٍ.

النوع الثاني: وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو الذي ذكر مجاهد في الآية أنها نزلت فيه، وهو أن يعمل أعمالًا صالحة، ونيته رياء الناس لا طلب ثواب الآخرة.

النوع الثالث: أن يعمل أعمالًا صالحة يقصد بها مالًا مثل أن يحج لمال يأخذه


(١) تيسير العزيز الحميد ص ٥٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>