للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لا يكون العبد مسلما إلا بإخلاصه لله تعالى وإفراده بذلك دون من سواه.

الثاني: أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير عذر إلا لخوف من الناس، فهذا محرم (١) وهو الذي نزلت فيه الآية المترجم لها (٢) وهو الذي جاء فيه الحديث: "إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: ما منعك إذا رأيت المنكر أن لا تغيره فيقول: يارب خشيت الناس، فيقول: إياي كنت أحق أن تخشى" رواه أحمد (٣).

الثالث: خوف وعيد الله الذي توعد به العصاة وهو الذي قال الله فيه: {لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: ١٤]، وقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن:٤٦]، وقال تعالى: {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦)} [الطور: ٢٦]، وقال تعالى: {وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان:٧]، وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان ونسبة الأول إليه كنسبة الإسلام إلى الإحسان وإنما يكون محمودا إذا لم يوقع في القنوط واليأس من روح الله ولهذا قال شيخ الإسلام: هذا الخوف ما حجزك عن معاصي الله فما زاد على ذلك فهو غير محتاج إليه.

الرابع: وهو الخوف الطبيعي كالخوف من عدو وسبع وهدم وغرق ونحو ذلك فهذا لا يذم. وهو الذي ذكره الله عن موسى عليه الصلاة والسلام في قوله: {فَخَرَجَ


(١) وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "أن يترك الإنسان ما يجب عليه، خوفًا من بعض الناس، فهذا محرم وهو نوع من الشرك بالله المنافي لكمال التوحيد" فتح المجيد ص ٣٩٦.
(٢) يقصد بذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥].
(٣) أخرجه أحمد (١١٢٧٥) وابن ماجه (٤٠٠٨)، والبيهقي ٩/ ٩٠، ٩١. ونصه: "لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرًا لله عليه فيه مقالة ثم لا يقوله فيقول الله: ما منعك أن تقول فيه؟ فيقول: رب خشيت الناس فيقول: وأنا أحق أن يخشى".

<<  <  ج: ص:  >  >>