للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: ٢١] " (١).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمهُ اللهُ: "لكن إذا كان هذا الخوف (٢) سببًا لترك واجب أو فعل محرم كان حرامًا؛ لأن ما كان سببًا لترك واجب أو فعل محرم فهو حرام ودليله قوله تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] " (٣).

وهناك خوف وهمي كالخوف الذي ليس له سبب أصلًا وهذا مذموم.

يقول الشيخ السعدي رحمهُ اللهُ في بيان هذه الأقسام: "اعلم أن الخوف والخشية تارة يقع عبادة وتارة يقع طبيعة وعادة، وذلك بحسب أسبابه ومتعلقاته.

فإن كان الخوف والخشية خوف تأله وتعبد وتقرب بذلك الخوف إلى من يخافه، وكان يدعو إلى طاعة باطنه وخوف سري يزجر عن معصية من يخافه كان تعلقه بالله من أعظم واجبات الإيمان. وتعلقه بغير الله من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ لأنه أشرك في هذه العبادة التي هي من أعظم واجبات القلب غير الله مع الله، وربما زاد خوفه من غير الله على خوفه لله.

وأيضا فمن خشي الله وحده على هذا الوجه فهو مخلص موحد، ومن خشي غيره فقد جعل لله ندًا في الخشية كمن جعل لله ندًا في المحبة، وذلك كمن يخشى من صاحب القبر أن يوقع به مكروها أو يغضب عليه فيسلبه نعمه أو نحو ذلك مما هو واقع من عباد القبور.

وإن كان الخوف طبيعيا كمن يخشى من عدو أو سبع أو حية أو نحو ذلك مما يخشى ضرره الظاهري، فهذا النوع ليس عبادة، وقد يوجد من كثير من المؤمنين،


(١) تيسير العزيز الحميد ص ٤٨٧، ٤٨٩.
(٢) أي الخوف الطبيعي.
(٣) مجموع فتاوى ابن عثيمين ٦/ ٥٣. وانظر أيضًا مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٦٤٦. والقول المفيد ط ١ - ٢/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>