للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن هذه الأقوال يتبين أهمية كل واحد منها إذ لا غنى للعبد عنها وعلى المسلم أن ينظر فيما يصلح نفسه قال الحسن البصري: "نفوسكم مطاياكم فأصلحوا مطاياكم تُبلغكم إلى ربكم عزَّ وجلَّ".

قال ابن رجب رَحِمَه الله مبينا كلام الحسن: "فالمراد بإصلاح المطايا الرفق بها وتعاهدها بما يصلحها من قوتها والرفق بها في سيرها فإذا أحس بها بتوقف في السير تعاهدها تارة بالتشويق وتارة بالتخويف حتى تسير. قال بعض السلف: الرجاء قائد، والخوف سائق، والنفس بينهما كالدابة الحرون (١)، فمتى فتر قائدها وقصّر سائقها وقفت فتحتاج إلى الرفق بها، والحدو لها حتى يطيب لها السير كما قال حادي الإبل بالوادي:

بشرها دليلها وقال لها ... غدا ترين الطلح والجبالا

ولما كان الخوف كالسوط فمتى ألحّ بالضرب وبالسوط على الدابة تلفت فلا بدَّلها مع الضرب من حادي الرجاء يطيب لها السير بحدائه حتى تقطع. قال أبو زيد: "ما زلت أقود نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك" (٢).

* قال ابن القيم: "وللسالك نظران: نظر إلى نفسه وعيوبه وآفات عمله يفتح عليه باب الخوف إلى سعة فضل ربه وكرمه وبره، ونظر يفتح عليه باب الرجاء، ولهذا قيل في حد الرجاء هو النظر إلى سعة رحمة الله" (٣).

وقال أيضًا: "والرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان ونوع غرور مذموم:

فالأولان: رجاء رجل عمل بطاعة الله على نور من الله فهو راج لثوابه.

ورجل أذنب ذنوبًا ثم تاب منها فهو راج لمغفرة الله تعالى وعفوه وإحسانه


(١) أي الصعبة التي وقفت ورفضت الانقياد.
(٢) المحجة في سير الدلجة ص ٧١، ٧٢.
(٣) مدارج السالكين ٢/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>