للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفضيل وأبي سليمان الدارني" (١).

وقال ابن القيم: "فصلٌ: القلب في سيره إلى الله عزَّ وجلَّ بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطير جيد الطيران، ومتى قطع الرأس مات الطائر، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر، ولكن السلف استحبوا أن يقوى في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء، وعند الخروج من الدنيا يقوى جناح الرجاء على جناح الخوف، هذه طريقة أبي سليمان وغيره قال: ينبغى للقلب أن تكون الغالب عليه الخوف فإن غلب عليه الرجاء فسد. وقال غيره: أكمل الأحوال اعتدال الرجاء والخوف وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب، والرجاء حادٍ، والخوف سائق، والله الموصل بمنِّه وكرمه" (٢).

وقال ابن حجر رَحِمَه الله: "وقيل الأَوْلَى أن يكون الخوف في الصحة أكثر وفي المرض عكسه، وأما عند الإشراف على الموت فاستحب قوم الاقتصار على الرجاء لما يتضمن من الافتقار إلى الله تعالى ولأن المحذور من ترك الخوف قد تعذر فيتعين حسن الظن بالله برجاء عفوه ومغفرته، ويؤيده حديث "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله، ... ".

وقال آخرون لا يهمل جانب الخوف أصلًا بحيث يجزم أنه آمن ويؤيده ما أخرج الترمذي عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب وهو في الموت فقال له:"كيف تجدك؟ ". فقال: أرجو الله وأخاف ذنوبي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف" (٣).


(١) التخويف من النار ٢٥. وانظر أقوال الفضيل بن عياض وغيره في سير أعلام النبلاء ٨/ ٤٣٢، وشعب الإيمان للبيهقي ٢/ ٧ (١٠١٠).
(٢) مدارج السالكين ١/ ٥١٧.
(٣) فتح الباري ١١/ ٣٠١ ط السلفية.

<<  <  ج: ص:  >  >>