للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - سؤال حي لميت بحضرة قبره بأن يدعو الله له. مثل قول عُبَّاد القبور مخاطبين لها: "يا فلان، ادع الله لي بكذا أو كذا" أو "أسألك أن تدعو الله لي بكذا وكذا".

فهذه لا يختلف المسلمون بأنها وساطة بدعية ووسيلة مفضية إلى الشرك بالله، ودعاء الأموات من دون الله، وصرف القلوب عن الله تعالى، لكن هذا النوع يكون شركًا أكبر في حال ما إذا أراد الداعي من صاحب القبر الشفاعة، والوساطة الشركية، على حدِّ عمل المشركين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣] " (١).

فمن كان بهذا يقصد طلب الشفاعة من صاحب القبر معتقدًا أن له حظوة وخاصية عند الله كما تكون للخادم عند الملك فهو كافر بالله العظيم.

قال الإمام ابن تيمية: "وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه كالحجاب الذين بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه فالله إنما يهدى عباده ويرزقهم بتوسطهم فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك الحوائج للناس لقربهم منهم والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر، مشرك، يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مُشبِّهون لله، شبهوا المخلوق بالخالق، وجعلوا الله أندادًا، وفي القرآن من الرد على هؤلاء ما لم تتسع له هذه الفتوى.

فإن الوسائط التي بين الملوك وبين الناس يكونون على أحد وجوه ثلاثة:

إما لإخبارهم من أحوال الناس بما لا يعرفونه، ومن قال إن الله لا يعلم أحوال عباده حتى يخبره بتلك بعض الملائكة أو الأنبياء أو غيرهم فهو كافر بل هو سبحانه يعلم السر وأخفى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو السميع البصير يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات لا


(١) تصحيح الدعاء ٢٥٠، ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>