للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر، فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا لأنه نسب الحوادث إلى غير الله وكل من اعتقد أن مع الله خالقًا فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلهًا يستحق أن يعبد، فإنه كافر" (١).

الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاد أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل، لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين، لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه، لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر ويكون فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلًا، وليس هذا السبب يُكفِّر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة (٢). ويدخل في ذلك من الأمثلة قولهم: هذا يوم أسود على وجه التضجر ويوم أغبر أو قولهم هذا يوم شؤم وغير ذلك من الأمثلة.

قال ابن حجر: "قال المحققون: من نسب شيئًا من الأفعال إلى الدهر حقيقة كفر، ومن جرى هذا اللفظ على لسانه غير معتقد لذلك فليس بكافر، لكنه يكره له ذلك، لشبهه بأهل الكفر في الإطلاق. وهو نحو التفصيل الماضي في قولهم: مطرنا بكذا" (٣).

وقال أيضا نقلًا عن الشيخ أبي محمد بن أبي حمزة: "لا يخفى أن من سب الصنعة فقد سب صانعها، فمن سبّ نفس الليل والنهار أقدم على أمر عظيم بغير معنى، ومن سب ما يجري فيهما من الحوادث، وذلك هو أغلب ما يقع من الناس، وهو الذي يعطيه سياق الحديث، حيث نفى عنهما التأثير، فكأنه قال: لا ذنب لهما في ذلك. وأما الحوادث فمنها ما يجري بواسطة العاقل المكلف فهذا


(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٨٢٣. وانظر القول المفيد ط ١ - ٢/ ٣٥١.
(٢) مجموع فتاوى ابن عثيمين ١٠/ ٨٢٣. وانظر القول المفيد ط ١ - ٢/ ٣٥١.
(٣) فتح الباري ١٠/ ٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>